قصة بودكاست لوحة (1)
@ رأيت هذه العلامة في مجموعة واتسابية لبرنامج تدريبي في الإعلام أتممته قبل أقل من أسبوع، وهذه صورة الرسالة:
الحقيقة أني لم أتذكر اليوم إلا بنص أسامة، فأشكره عليها شكرًا جزيلًا، إنه الثلاثون من شهر سبتمبر، الشهر الذي جددت فيه عهدي بالبودكاست بأن أطلقت الموسم الثاني بعد توقف دام أشهرًا طويلة، ناهزت الستة أو ربت، فما حكاية بودكاست لوحة وكيف بدأ؟ ومتى؟ وإلى أين أبتغي الوصول؟ سأجيب على هذه الأسئلة وأشفع الإجابة بشكر واعتراف لتلك العصبة الروحية التي لو لا حثها تارة، ودعمها تارة = لبقيت لوحاتي فكرة هامدة في رأسي وفي أحسن الأحوال فكرة مكتوبة بقلم جاف بريال واحد على ورق A4 اصفرت جوانبه وغشيه الغبار.
قبل عامين وأشهر كنت في برنامج تدريبي في المجال الإعلامي، واقترح علي منسق البرنامج أن أحول الفكرة التي أعددتها -كتكليف في إحدى دوراته- إلى بودكاست، كان ذلك رجب 1440هـ، حينها لم أعرف ما البودكاست ولم أسأل خشية أن أوصم بالجهل بمجال أقبلت عليه متدربًا. كان اهتمامي عقب ختام البرنامج منصبًا على ابتكار برنامج يوتيوبي بقيمة مضافة وميزة تنافسية وسقف لا أراه لشدة علوه وأمنيات متقافزة. وبعد حسابات يسيرة وجدت أن البرنامج لابد له من أدوات ومال وليس معي شيئًا مما أحتاجه يومذاك، وبقيت على حالي حتى أرسل الصديق عبد الكريم الزهراني إلى مجموعة واتسابية رابطًا متناهٍ في الطول، بداية لم أحفل منه وحقيقة أزعجني، ثم قررت الضغط عليه، فأحالني إلى المتجر فقد حذفت تطبيق البودكاست من آيفوني لجهلي به.
بعد صلاة التراويح لبست ملابسًا رياضية وانتعلت حذاءً غير رياضي وخرجت لمارسة الرياضة الوحيدة الممكن ممارستها في أحد شوارع حينا الخلفية، حيث لا أشجار ولا أجواء معتدلة، إنما أسفلت ورطوبة، وأصوات مشجعين من ملعب النادي الأهلي القريب منَّا، فتحت الرابط بعد تحميل التطبيق، كانت الحلقة طويلة في نظري حينها، ساعة ونصف ربما، عجبت من جلد المستمع وقدرته على الإنصات إلى كلام كلام كلام تلك المدة كاملة، وضعت السماعة في أذني، وأنصت إلى صوت فيه رنة غناء، يتراقص في أذني، صوت ستصبح لي معه ذكريات وللآلاف وربما الملايين غيري، كان عرَّاب البودكاست العربي عبد الرحمن أبو مالح مستضيفًا الرجل الأغرب محمد المطيري في فنجانه.
كانت حصتي الرياضية الحد الأدنى الذي يقرره المختصون، نصف ساعة من الهرولة تمضي كما يمض قرن زحفًا على بطنه أو سنينه، وكان بودكاست فنجان رفيقي فيها، تزامنت معرفتي بالبودكاست مع انضمامي في نهاية شعبان إلى فريق يسعى إلى تأسيس منصة لتعليم الكتابة الإبداعية وكنت أنشط الأربعة، لذا اقترحت عليهم بعد انسحاب ثالثهم أن نقدم بودكاست عن الكتابة الإبداعية كأول منتجاتنا، ولاقت الفكرة استحسان الصديقين وخشي أحدهما أن لا تستمر، وهذه معضلة المبادرات كلها، وللأسف لم أجد ما كنت آمله من الدعم؛ لذا تساءلت لماذا لا أنهض بالفكرة أنا؟ وأن أحقق به هدفين: تقديم محتوى إعلامي ورفد حبي للكتابة بنبع جديد، وعليه بدأت العمل على البودكاست ولا أتذكر هل سألانني عنه بعد ذلك أم لا، وهما معذوران لأنهما مشغولان، أما أحدهما فمازال يبحث عن مواطئ لقدمه ومعارجًا لروحه في دياره التي حزم حقائبه وما استطاع من شعث فؤاده وذكرياته إليها، والآخر يتلمس طريقه للعمل في شركة صناعة محتوى ذائعة الصيت أشهر من السماوات ذات الحبك!
وكإحدى عاداتي المتمثلة في الإمعان والتفصيل في مراحل الورق "التخطيط والدراسة ونماذج العمل" فقد سمعت تلك الأيام بنموذج عمل Canvas فاستعنت به بعد الله في شق مساري نحو البودكاست الذي أخذت فكرته تختمر في رأسي، حلمت شرح pdf مختصرًا مع مثالين على النموذج أعدهما الريادي أسامة جنباز، وذاكرتهما حتى حفظته وأخذت أبشر به وأنشره بين زملائي في العمل بوصفه الخلاص من ظلمة الأفكار المبعثرة إلى نور النظام حتى علقه زميل على حائط مكتبه، كانت تلك المذاكرة في شوال بعد أن رسمت الخطوط العريضة على دفتر أربعين ورقة "أبو ريال" بقلم جاف، وبعد ضبط النموذج والمران عليه، بدأت في استكشاف البودكاست والاقتراب منه، كانت المادة العربية حوله قبل عامين ليس كغنى اليوم أو أنني لم أجد البحث وهذا مستبعد، بدأت أملأ نموذج العمل وأجدنني لم أتضلع معرفته وسبل تنفيذه، فرحت أسأل يمينًا وشمالًا، سألت رئيس القسم الذي أعمل فيه بحكم اهتمامه بالتسجيل الصوتي وأدواته، فأرشدني إلى عدد من الاستيديوهات مع توصيتهم علي لخفض السعر، وفي نفس الأيام وقعت على بودكاست بث كاست عن صناعة البودكاست، عرفت من خلاله ما خلف الصوت، من أين أتى البودكاست وكيف اشتق اسمه، وكيف أنشئ برنامجي الخاص، وكيف أرفعه بخلاصة RSS Feed وما أهم منصاته وشروط التسجيل فيها ومقاسات الغلاف وأبعاده، وكيف أختار أدوات التسجيل، وكيف أنشأ استيديو منزلي صغير، ولأنني مهوس بالكمال قلت لا مناص من التسجيل في استيديو احترافي لضمان الجودة والنقاوة، أتممت بث كاست مع تدوين الملاحظات كاملة، ثم عاودت السؤال ولكن هذه المرة وجهته إلى اثنين من صنَّاع البودكاست وللأسف تجاهلا رسائلي تمامًا -أفٍ لهما- وفي سبيل إتمام النموذج حصرت ما وصلت إليه يدي من البرامج العربية مع مواضيعها واهتماماتها وميزاتها التنافسية، وهويتها الصوتية والمرئية مواعيد نشرها، مستعينًا بموقع البودكاست العربي ذي الجهود مشكورة في التعريف والتبويب، يقدم خدمة جليلة للبودكاستر وللمستمعين، ولا أذكر أي مصادفة طيبة ساقتني إلى مجموعة صنّاع البودكاست على الواتساب بإدارة عبد الرحمن العمران، ومن باب العمل في خطوط المتوازية عرضت الفكرة على الصديق عبد الكريم الزهراني واقترح علي ضيفًا وأعارني كتبه وإصدارته التي لديه، فقرأتها الثلاثة وحملت الرابعة وأنهيته، وعندما عدت إلى جدة بعد إجازة العيد أبرمت موعدًا معه والتقينا في مقهى، ولم تكن له معرفة بالبودكاست فعرفته به واقترحت عليه عددًا من البرامج، واتفقت معه على استضافته قبل اللقاء، وكنت حينها قد أنهيت التخطيط أو كدت، وفي نفس الوقت تعاقدت مع مصمم لتصميم الشعار بخمسة دولارات فقط، لعدم الميزانية والدعم حينها، والحمد لله بدأت ملامح البودكاست تتشكل، ولما حان يوم اللقاء اعتذر مسؤول الاستيديو في الوقت الضائع، واعتذرت من الضيف، وحينها تأجل اللقاء طويلًا طويلًا، ربما أشهرًا حتى، وكان هذا من حسن حظي، إذ كيف سأبدأ بصفر ميزانية وبهوس الكمال؟ قطعًا سأفوت في الحيط كما يعبر الشاميون، ويسر الله لي ما كنت أظنه مستحيلًا، فبرسالة واحدة حصلت على دعم لإنتاج الموسم الأول (12).
كيف حصلت عليه؟ ولماذا؟ ومن وقف خلفه؟ كل هذا سأجيب عليه في المقالة القادمة، انتظروني أيها الأماجد.